كأس الأمير.. محطات تاريخية تؤكد القيمة التنافسية والمكانة الرفيعة للبطولة الأغلى في قطر
مايو 2, 2025الدوحة – قنا:
تُعد بطولة كأس الأمير لكرة القدم بمثابة درة البطولات القطرية وأهم الأحداث الرياضية على الإطلاق في البلاد، لما تحمله من رمزية وطنية وقيمة تنافسية رفيعة المستوى. فمنذ انطلاقتها الأولى عام 1973، شكلت البطولة نقطة التقاء بين الأندية القطرية الطامحة لتحقيق المجد، في مشوار طويل زخر بالمباريات الكلاسيكية والمواجهات التي حفرت أسماءها في ذاكرة الجماهير.
وتأتي النسخة الـ53 من البطولة هذا الموسم لتضيف فصلاً جديدًا من فصول التميز، إذ باتت كأس الأمير عاملًا رئيسيًا في إشعال روح التنافس بين الأندية المحلية، وساهمت على مر السنوات في تطوير كرة القدم القطرية ورفع مستواها الفني، من خلال مواجهات اتسمت بالقوة والندية، خاصة مع بلوغ الفرق المشاركة ذروتها الفنية في كل موسم.
ويحظى نهائي كأس الأمير بمكانة خاصة على أجندة كرة القدم القطرية، حيث يتحول إلى مناسبة وطنية ينتظرها الجميع، نظرًا لما تمثله من شرف كبير للفريق الفائز، الذي يحظى بتتويج خاص ومصافحة من سمو الأمير المفدى، ما يجعل الفوز باللقب حلمًا تسعى إليه جميع الأندية بشغف كبير.
تطور البطولة عبر ثلاثة مراحل زمنية بارزة
منذ تأسيسها، مرت بطولة كأس الأمير بعدة تحولات على مستوى النظام والمشاركة، عكست التطور الذي شهده المشهد الكروي في قطر.
في مرحلتها الأولى (من 1973 حتى 1999)، كانت المشاركة حصرية على فرق دوري الدرجة الأولى، والتي كانت تتألف من تسعة أندية فقط. ووفقًا للنظام المتبع حينها، يتأهل أصحاب المراكز السبعة الأولى في الدوري مباشرة إلى ربع النهائي، بينما يخوض الفريقان في المركزين الثامن والتاسع مباراة فاصلة لتحديد المتأهل الأخير. وكانت المباريات تُقام بنظام خروج المغلوب حتى النهائي.
أما المرحلة الثانية، والتي انطلقت في نسخة عام 2000، فقد شهدت تحولًا مهمًا مع السماح لأول مرة بمشاركة أندية دوري الدرجة الثانية. وفق هذا النظام، تبدأ الأندية الأربعة الأوائل في دوري الدرجة الأولى مشوارها من الدور ربع النهائي، بينما تلعب الأندية من المركز الخامس حتى الثامن بدءًا من الدور الثالث، وتشارك الفرق المتذيلة الترتيب من الدور الثاني، فيما تخوض أندية الدرجة الثانية منافساتها من الدور الأول، ما أضفى على البطولة طابعًا أكثر شمولًا وتكافؤًا.
وجاءت المرحلة الثالثة من عمر البطولة عام 2007، حيث تم تعديل النظام ليشمل خمس مراحل تعتمد على نظام خروج المغلوب من مباراة واحدة فقط، بما في ذلك نصف النهائي، وذلك لتخفيف ضغط المباريات نتيجة تحوّل الدوري القطري إلى دوري محترفين بثلاثة أقسام. وقد ساهم هذا التعديل في زيادة الإثارة، إذ أصبحت المفاجآت واردة في جميع الأدوار.
أندية صنعت المجد وكتبت التاريخ
استطاعت ثمانية أندية على مدار تاريخ البطولة تسجيل أسمائها في قائمة الفائزين باللقب، غير أن ناديين فقط تمكنا من فرض سيطرتهما والاحتفاظ بالكأس بعد تحقيق اللقب ثلاث مرات متتالية أو أكثر.
وكان النادي العربي هو أول نادٍ يحقق هذا الإنجاز، بعد تتويجه بالكأس ثلاث مرات متتالية في أعوام 1978، 1979، و1980، محتفظًا بالكأس في خزائنه، وبلغ مجموع ألقابه في البطولة تسعة، آخرها عام 2023، حيث فاز في النهائي على السد بثلاثية نظيفة، منهياً فترة غياب دامت ثلاثين عامًا عن التتويج.
أما النادي الثاني فهو الغرافة، الذي سيطر على البطولة بشكل استثنائي في أواسط التسعينات، وحقق اللقب أربع مرات متتالية أعوام 1995، 1996، 1997، و1998، في إنجاز قلّ نظيره محليًا.
ومن المحطات الفارقة في تاريخ كأس الأمير، تتويج نادي أم صلال بالبطولة عام 2008، بعد عامين فقط من صعوده إلى دوري الدرجة الأولى، حيث فاز حينها على الغرافة في النهائي بركلات الترجيح 4-1، بعد التعادل 2-2، ليسجل اسمه كأحد أبطال البطولة في وقت قياسي.
نتائج تاريخية لا تُنسى
سُجلت خلال العقود الماضية عدة نتائج بارزة لا تزال محفورة في ذاكرة البطولة، أبرزها أكبر فوز في نهائي كأس الأمير والذي تحقق في أول نسخة رسمية عام 1973، عندما تفوق الأهلي على الريان بنتيجة كبيرة بلغت 6-1، وهي النتيجة الأعلى في المباريات النهائية حتى يومنا هذا.
أما أكبر نتيجة في تاريخ البطولة على الإطلاق فكانت عام 1982، عندما اكتسح السد فريق الشمال بنتيجة قياسية بلغت 16-2، في مباراة تُعد من أكثر اللقاءات غزارة في الأهداف بتاريخ الكرة القطرية.
إرث وطني يتجدد كل موسم
تواصل بطولة كأس الأمير لعب دور محوري في ترسيخ مكانة كرة القدم في قطر، فهي ليست مجرد مسابقة كروية بل مناسبة وطنية تُجسد روح المنافسة الشريفة، وتكرّس قيم العطاء والتفاني، وتُبرز طموحات الأندية في نيل شرف التتويج بأغلى البطولات.
وفي كل موسم، تُثبت كأس الأمير أنها ليست مجرد بطولة، بل تاريخ يتجدد ومكانة تتعزز في قلوب الجماهير واللاعبين على حد سواء، في مشهد كروي تترقبه الأنظار عامًا بعد عام.


